الجمعة، 11 يناير 2013

نداء إلى مناضلي ومناضلات الحركة الطلابية المغربية عموم الطلبة والطالبات

 نداء إلى مناضلي ومناضلات الحركة الطلابية المغربية عموم الطلبة والطالبات

الطلبة الثوريون


أيها المناضلون، أيتها المناضلات، عموم الطلبة والطالبات
أزمة التعليم بالمغرب مستفحلة على غرار باقي الخدمات الاجتماعية بفعل سياسات إجرامية تقضي على مكاسب تاريخية، وتصادر الحقوق والحريات. لقد فككت عقود من إملاءات مؤسسات الامبريالية التجارية والمالية والاقتصادية والسياسية مكاسب كلف انتزاعها تضحيات جسام للشعب الكادح. إنها سياسات زادت الأغنياء سلطة وثروة، ووسعت دائرة مصائب رأسمالية شائخة وسط عامة الشعب: إهدار الكرامة والفقر والبطالة والعمل الهش وصحة وتعليم رديئين


كان التعليم، والجامعي بشكل خاص، فرصة للترقي الاجتماعي، وقد نال اهتمام الطبقات الشعبية الطامحة لتحسين وضعها الاجتماعي. كانت الحاجة للأطر كبيرة غداة الاستقلال الشكلي، وأخذ التوظيف العمومي منحى تصاعديا هاما، قبل أن يتحول التعليم لمصنع ضخم لتخريج العاطلين، بفعل سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واشتراطات خدمة دين هائل وغير مشروع.
فككت الدولة المركبات الجامعية التقليدية، ونشأت مراكز جامعية صغيرة هنا وهناك، وإلى جانبها مدارس ومعاهد عمومية وخاصة متنوعة ومحدودة الاستقطاب، يحرم من خدماتها الغالبية العظمى من طلاب وطالبات الأوساط الفقيرة بشكل خاص. لم يعد للمجانية معنى بالمؤسسات العمومية لا أمام تدهور شروط التحصيل الدراسي المادية والمعنوية(سومة الكراء الثقيلة، وغلاء المعيشة، والفقر، وسوء التغذية، وظروف النقل وغلاءه،…). لقد تفاقم الهذر المدرسي، فالأغلبية الساحقة من التلاميذ لا تتمكن من بلوغ مستويات متقدمة من التعليم، والقلة القليلة تستطيع ببذل تضحيات كبيرة استكمال التعليم العالي. وصار التعليم الخاص، الذي تبدل له الدولة الدعم والإعفاء الضريبي… بديلا لا غنى عنه لمن يرغب في شهادة “تؤهله لسوق الشغل”.
لم يكن الاهتمام بتعليم أبناء الشعب هما أساسيا للنظام الذي ظل يشتكي من كلفته ومن كونه مجالا لإنعاش التمرد، وبخاصة بعد انتفاضة شباب الدار البيضاء سنة 65، التي شكلت انعطافة أدت لتهميش التعليم العمومي من قبل النظام القائم. وزاد من ذلك تشجيعه للتعليم الخاص والنخبوي على حساب تعليم عمومي جماهيري رديء لأبناء الطبقات الشعبية.
أيها المناضلون، أيتها المناضلات، عموم الطلبة والطالبات
أزمة التعليم العمومي مزمنة، وشديدة الارتباط بالاستبداد السياسي القائم، الذي لا هم له سوى دوام الجهل والخضوع، وانتشار القدرية، بدل تعليم ملائم يسمح باستجلاء أصل المصائب، وسبل القضاء عليها. هكذا جرى إفراغ التعليم من مادته الحيوية التفتح والنقد، ومع الهجوم النيوليبرالي جرى إخضاعه لمتطلبات الرأسمال وتمت خوصصة قسم منه، وتفتيت التركزات الجامعية، وزيادة أعداد الخريجين العاطلين…
شروط الطلبة قاهرة، وظروف تحصيلهم سيئة، فالمنحة شديدة الهزال، ولا سكن جامعي، ولا نقل جامعي، والبنية التحتية إما مهترئة أو غير كافية، والتأطير الجامعي مأساوي، والخزانة الجامعية رديئة…
يضع هذا الوضع على عاتق الطلاب مهمة بالغة الأهمية: النضال من أجل تعليم شعبي مجاني علماني موحد، تعليم في شروط مادية وشروط تحصيل جيدة تسمح بتفتح طاقات الطلاب وتنمية ملكاتهم الفكرية والنقدية.
أيها المناضلون، أيتها المناضلات، عموم الطلبة والطالبات
حتى الآن يقف ضحايا هذا الهجوم السافر على واحدة من أهم مكاسب الشعب المغربي موقفا دفاعيا ضعيفا. فالنضال الطلابي رغم تململه، تجره للوراء أزمة مزمنة دامت لعقود، فضلا عن انحصاره في جامعات قليلة، وتبقى مؤسسات جامعية بكاملها دون حركية نضالية. وأكثر من ذلك أن السيرورات الثورية الجارية بالمنطقة المغاربية والعربية والاحتجاج الشعبي الذي شهده المغرب من خلال حركة 20 فبراير وما رافقها من انتعاش نضالي، لم يهزا الجامعات هزا. بينما كان أحد الشعارات التاريخية الرئيسية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب هو “لكل معركة صداها بالجامعة”.
وهاهي ذكرى الحركة ستحل في 20 فبراير 2013، علها تساهم في تدارك التخلف الطلابي، ويكون الطلبة والطالبات في ريادة تخليد هذا التاريخ الرمزي وإعطاء انطلاقة جديدة للنضال “الوطني”. إننا نعتقد أنها فرصة استثنائية من شأن تعبئة طلابية شاملة أن تمنحها الزخم اللازم، وتساهم بذلك في جعل ذكرى الحركة موعدا للانطلاق من جديد لعملية التغيير الحقيقي المنشود. لذا نرى أن التفاعل مع نداءات تنسيقيات الحركة واجب نضالي على مناضلي ومناضلات الحركة الطلابية المغربية.
هناك سخط كبير كامن وسط الشبيبة المتعلمة بكل فئاتها، وسيجد متنفسا ما بكل تأكيد. لكن لا يمكن الرهان على العفوية، فحتى باعتبارها نقطة قوة السيرورات الثورية، التي تهز المنطقة منذ عامين، خاصة بداياتها، فإن الركون للعفوية رهان خاسر، فتاريخ الحركة الطلابية نفسه يؤكد ذلك.
حاول الشباب التحرك في أكثر من مناسبة: تجارب النضال الطلابي الإقليمي، ومبادرة طلابية بالفايسبوك، والأيام الوطنية للتلاميذ، واليوم الطلابي والتلاميذي المشترك يوم 6 غشت 2012، ضد فرض رسوم التسجيل بكليات التعليم العالي… وعديد من النداءات لم تلق آذانا صاغية. إنه سعي شبابي للنضال لم يلق أي تجاوب بالجامعات وتبخر لأنه افتقد للمقومات الضرورية.
أيها المناضلون، أيتها المناضلات، عموم الطلبة والطالبات
إن الوقوف أمام الهجوم على الجامعة العمومية يقتضي ميزان قوى اجتماعي يتجاوز الجامعة أصلا، وعلى الأقل يستدعي فعلا طلابيا جماهيريا منظما ديمقراطيا وكفاحيا يفتح السبيل لتشكيل ميزان القوى المطلوب لصد التعديات.
إن السياق السياسي الجديد يفتح إمكانية التقدم نوعيا في إحياء التنظيم الطلابي الذي بدونه سيبقى النضال الطلابي أسير الدوامة التي يشهدها منذ ثلاثة عقود. لا بد من التنظيم أولا والتنظيم ثانيا والتنظيم ثالثا، إنه نقطة الضعف الرئيسية راهنا ولا يمكن التقدم دون حدوث اختراق على هذا المستوى.
ليس المطلوب إعادة بناء أوطم فورا، بل العمل الدءوب ودون كلل لتحضير الشروط والآليات الضرورية لذلك. لا ندعو إلى هيكلة أوطم في الشروط الحالية لكننا نعتقد أنه يمكننا بتكاثف جهود الجميع حفز أدوات التنظيم الطلابي الملائمة. إن بعض تجارب النضال الطلابي في السنوات الأخيرة كشفت إمكانية بناء معارك طلابية وطنية منظمة عبر لجان منتخبة خاضعة لأشكال تنظيم طلابية جماهيرية كاملة السيادة تقريرا وتوجيها وتسييرا.
إن واقع النضال الطلابي حاليا يظهر بجلاء مدى الأثر البالغ الذي يخلفه غياب منظمة طلابية من هذا القبيل. وأبعد من ذلك غياب قوى سياسية مناضلة تضطلع بالدور الرئيسي في حفز التنظيم الطلابي ووعي الطلاب وكفاحيتهم. لقد تلاشت القوى الإصلاحية التاريخية، وتنام وجود التيارات الإسلامية بالجامعة، واستفحل تأزم اليسار الثوري. وساهم الاقتتال الفصائلي من جهته في تعميق أزمة النضال الطلابي. ليس هناك قوة جماهيرية وسط الطلاب، ولا واحدة من الفصائل الطلابية لديها تغطية للجامعة المغربية، فجلها محدودة بجامعة بعينها إن لم يكن بكلية واحدة بواحدة من الجامعات الموجودة.
إن غياب التسيير الديمقراطي لنضال الطلاب وبالتالي طابعه الجماهيري أضعف ويضعف حظوظ نجاحه. علاوة على ذلك أشاع تكرار الهزائم والتعبئات الطلابية الفاشلة جوا من الإحباط زاد النضال الطلابي ضعفا.
إننا إذ نقر بالواقع الموضوعي الذي يجعل مهمة توحيد النضالات صعبا، إلا أننا نلحظ أن سيرورة الصراع والحياة النضالية ينبجس منهما بين الفينة والأخرى فرص وإمكانيات مهمة لا نستثمرها، نحن القوى الطلابية. إن الوضع الإقليمي والدولي وما يطبعه من حراك الشعوب وثوراتها كان من المفترض أن تكون الحركة الطلابية أول من يتلقف رسالاتها، بل أن تكون أول من يتفاعل معها
وإذ نعبر عن عمق تقديرنا للوضع، فبذات العمق نعتقد أن نجاح أي خطوة تنتشلنا من الركود الراهن، رهين بمشاركة الكل وباجتهادنا أجمعين.
أيها المناضلون، أيتها المناضلات، عموم الطلبة والطالبات
أمام هذا التحدي التاريخي الهام، نوجه ندائنا لكل الطلاب المناضلين والطالبات المناضلات، ولعموم الطالبات والطلبة، ولكل الفصائل السياسية المناضلة، وخاصة اليسارية الجذرية منها، قصد فتح نقاش هادئ وعميق حول سبل استنهاض فعل نضالي طلابي وطني لا غنى عنه للتصدي للهجوم على حقوق الطلبة والطالبات ومكتسباتهم.
نعتقد أن الإمكانية موجودة، وهي غير مستثمرة بالشكل الواجب، فلا تخل أي جامعة في المغرب كله من مناوشات، وحتى من معارك طلابية جماهيرية بطولية، لكنها للأسف تعيد مآسي بعضها البعض، بفعل عزلتها ومحليتها، ومحدودية مطالبها، وانحصار أشكال نضالها.
نعم نشهد كل عام معركة جامعية وطنية مفككة الأوصال، لا ينفع معها القليل من التضامن هنا أو هناك، ونشهد سنويا قمعا وحشيا، واعتقالات ومحاكمات صورية… هذا ما يضع على عاتق كل المناضلين الطلابيين الأوطاميين والفصائل السياسية المناضلة تحديا كبيرا يستدعي رفعه تكاثف الجهود ورص الصفوف في جبهة واحدة ضد التعدي المتواصل على حقنا في التعليم.
أيها المناضلون، أيتها المناضلات، عموم الطلبة والطالبات
لا ندعي التوفر على وصفة سحرية لما يجب فعله، لكننا نعتقد أن أول الطريق هو فتح النقاش الجماعي الهادئ المتخلص من كل رواسب ماضي سوء الفهم والاقتتال…
يجب أن يكون الهدف حصول تقارب حول كيفية تنسيق جهود الحركة الطلابية المغربية من أجل رد جماعي على الهجوم. تنسيق لا بد له من برنامج ومطالب وأشكال نضال وطبعا أشكال تنظيم لخلق إمكانية فعلية للانتصار.
لذا نقترح ما يلي:
• تنظيم ندوة وطنية حول سبل استنهاض الفعل النضالي الطلابي الوطني تحتضنها إحدى الجامعات(فاس أو مراكش، أو الرباط…)، تحضرها كل فصائل اليسار الجذري العاملة بالجامعة، وكل قوى النضال الرفيقة.
• تحديد أهم المطالب، وشكل المعركة المقترح للنضال من أجلها
• تحديد شكل لتنسيق المعركة ومتابعتها
• تحديد جدول زمني للتعبئة الجماهيرية وسط الطلاب حول المطالب وجدوى المعركة وطرق تسييرها الديمقراطي
• نبد العنف سواء اللفظي أو المادي، وتشجيع أفضل طرق النقاش الديمقراطي
نقترح أن تبنى المعركة من تحت وتعتمد أشكال تنظيم ديمقراطية تكرس سيادة الطلاب على معركتهم، ويقررون بواسطتها أشكال النضال الضرورية تبعا لتطور المعركة ومستجداتها.
إننا واثقون من انبعاث جديد للنضال الطلابي بشكل خاص، وللنضال العمالي والشعبي بشكل عام، وإذ نوجه هذا النداء إلى مناضلي وفصائل الحركة الطلابية المغربية، فإننا نعمل على تضمين مقترحاتنا بتفصيل في ورقة خاصة للمساهمة في النقاش الجماعي الهادئ والديمقراطي الذي نصبو إليه، للتقدم في توحيد جهودنا جميعا للتصدي للتعديات على حقوقنا ومكاسبنا.
الطلبة الثوريون .يناير 2013